البحث فى الوثائق والأرشيف ونظم المعلومات والأرشيف الإلكترونى

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته منتدي وثائق مصر الخالدة يرحب بكم

حكمة اليوم

من فضلك أذكر رأيك في الموضوع

الخميس، يناير 30، 2014

خدمات الأرشيفات الوطنية في عصر مجتمع المعرفة



خدمات الأرشيفات الوطنية
 في عصر مجتمع المعرفة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. عصام أحمد عيسوى
قسم علم المعلومات - كلية الآداب - جامعة الملك سعود
قسم المكتبات والوثائق والمعلومات - كلية الآداب – جامعة القاهرة
e-mail: essamhfy@yahoo.com 

    تُشكل الأرشيفات الوطنية أو مراكز الوثائق الوطنية في الدول العربية، أو في الدول النامية عامة جزءاً من ثلاث مؤسسات متداخلة هي: المكتبة الوطنية، والمتحف الوطني، والأرشيف الوطني، ولكل منها طابع فردي مميز لها وبرامج مختلفة للخدمة، إلا أن الأرشيف الوطني يتميز بارتباطه بالأجهزة الحكومية، والجامعات والمؤسسات التعليمية، وأجهزة البحث والصناعة،وكذلك الأفراد.
 وبين كل تلك المؤسسات يتخذ الأرشيف الوطني موقعه المناسب والصحيح تمامًا ليمارس دوره الفعال والنشط في إدارة وتجميع سجلات ومحفوظات الأجهزة الحكومية وترويج استخدامها فيما بين الجامعات، والأجهزة التعليمية، ومعاهد البحوث، وفيما بين جمهور المستفيدين•
ولقد تطورت دار الوثائق القومية المصرية تطورًا ملموساً خلال السنوات الماضية، منذ أن تم نقلها من القلعة إلي مقرها الحالي بكورنيش النيل برملة بولاق بالقاهرة عام 1989م .
وخلال تلك الفترة تعاقب على إدارتها عدد من الشخصيات الأكاديمية والعامة، وهو ما أثر على استراتيجيات العمل بالدار، مما أثر – بشكل مباشر أو غير مباشر– في تقدم بعض النشاطات وتوقف بعضها الأخر .
أضف إلي ذلك، أن دار الوثائق افترقت في معظم الأحيان إلي التخطيط العملي المنهجي، وإن وجد فقد كانت تقابله معوقات مادية وفنية وبشرية ناتجة عن عدم وجود الوعي الكامل بأهمية ما تقتنيه الدار من مجموعات أرشيفية تتعلق بتاريخ مصر في عصوره المختلفة، وكذلك تاريخ بعض دول الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط وأفريقيا، والمنطقة العربية .
وتخطو الآن دار الوثائق خطي حثيثة نحو التقدم في نشاطاتها الإدارية والفنية والتقنية في سبيل تحقيق أهدافها الأساسية التي تتركز في الخدمة – أياً كان نوعها– لأنها هي الهدف الأسمى الذي يرجوه كل المنتمين لدار الوثائق القومية، فإن كانوا من الموظفين فإن جهودهم سوف تتجه إلي الخدمة سواء تعلقت هذه الخدمة بالوثائق نفسها ككيان مادي له طبيعته الخاصة، أو بخدمة المستفيدين باعتبارهم الفئة الموجه إليها كل تلك الجهود والإمكانيات .
أما المستفيدون من الدار – وهم ينتمون بطبيعة الحال للدار – بحكم طبيعة متطلباتهم البحثية والقانونية والثقافية، فإنهم يطمحون دائما إلي الحصول على أفضل الخدمات في أقل وقت ممكن وبأيسر السبل الممكنة.
وتشغل دراسات المستفيدين من الأرشيف اهتمام الباحثين والمسئولين عن إدارته، لأنه لن يكون له فائدة ما لم يتمكن أولئك المستفيدين من الإطلاع على وثائقه، والإفادة منها بشتى الطرق .
ولذا فقد وجب على أمين الوثائق والسجلات في الأرشيف الوطني العمل على حفظها وصيانتها في المقام الأول، ثم العمل على إتاحة تداولها في سهولة ويسر بين جمهور المستفيدين في المقام الثاني.
فلم تعد دار الوثائق مكاناً لحفظ الوثائق الأرشيفية والحُجج التي تُثبت الحقوق، بل أصبحت عنصراً من عناصر الثقافة القومية والمستودع الأول لأدوات البحث في التاريخ القومي، كما أنها تعتبر مركزاً للإرشاد يعمل على تثقيف الشعب عن طريق الوثائق المختلفة، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإنه من المؤكد أن حفظ مصادر المعلومات الوثائقية وإتاحتها للتداول يجعل التخطيط من أجل التنمية سهلاً وميسوراً، ويحول دون تكرار أو ازدواج الجهود دون داع، ودون الوقوع في الأخطاء السابقة، ويدعم الاستمرارية، ويتضمن فوائد عدة مستخلصة من التجارب والخبرات السابقة.
ونظرًا لاعتاد الباحثون المترددون على دار الوثائق القومية بالقاهرة على استخدام الوثائق الأصلية في شكلها الورقي، فلذلك عندما بدأت الدار في مشروع الحصر والمشروع الاسترشادي ثم البدء في عمليات التحويل الرقمي للمجموعات الأرشيفية المحفوظة لديها ظهرت لدي بعض الباحثين مشكلة التردد في كيفية استخدام الشكل الرقمي للوثائق عندما تتاح على الإنترنت .
وتتدني مرتبة مراكز الوثائق في الدول العربية ، وتعليل وتفسير هذا يرجع إلى الحاجة الملحة والعاجلة للتنمية الاقتصادية التي  تأخذ مركز الصدارة والأسبقية على ما عداها من الاهتمامات أو المشاغل الاقتصادية الأخرى، والحاجات ذات العلاقة بتحسين المستويات والأوضاع المعيشية التي تُعطى الأولوية والصدارة للتنمية الاقتصادية، وما يتصل بها من فرص للتوظيف والعمل، والمستشفيات، والإسكان، والنقل والرعاية الاجتماعية، كما أن توحيد العناصر العرفية والدينية والاجتماعية والثقافية المتعددة والمتنوعة يُعد من الأمور المهمة والجوهرية لتحقيق التماسك وتنمية الشعور بالشخصية العربية والإحساس بالهدف الموحد، ويعتبر الافتقار إلى الدعم المالي من جانب الأفراد والمجموعات والجمعيات العلمية من العوامل المثبطة لدفع عجلة تلك المراكز، كذلك فإن القصور في أعداد المتدربين على أعمال الأرشيف الوطني يعد عاملاً مهماً في هذا التدني لتلك الأرشيفات الوطنية، أيضًا فإن تشتيت الوثـائق العربيـة في كـثير من دول العـالم أدى إلى عدم دراسة كـل هـذه الوثـائـق دراسـة متـعمقـة للاستفـادة من محتـويـاتها، وفرض السريـة التامـة عـلى بعض الوثـائق في بعـض الدول، وعـدم إتـاحة الفـرصـة للباحـثين سواء المحـليين أو الخـارجيـين عـلى دراستهـا يعتبر من تلك الأسباب التي  أدت إلى التدني فى مرتبة الأرشيفات الوطنية، وبالتالي التدني في الخدمات التي  تقدمها تلك الأرشيفات.
ومن هذا المنطلق فإن دور الأرشيفات الوطنية ومراكز الوثائق وإدارة السجلات في التنمية وخدمة المجتمع أصبح مهم، ويستوجب بذل الدعم الفعال والإيجابي لما لها من قيمة علمية وثقافية، ويتكشف كذلك عن وجود علاقة تكاملية بينها وبين الفاعلية الحكومية، والتنمية الاقتصادية والوحدة الوطنية• ويمكن من خلال عدة أساليب إيضاح أن الأرشيفات الوطنية أو إدارة السجلات والوثائق بالدولة تقدم مساهمات مهمة وحيوية في التنمية بشكل عام نسرد منها على سبيل المثال:
 يمكن للأرشيفات الوطنية أن تضاعف من فاعلية الإدارات والأجهزة الحكومية، وخاصة تلك المُناطة منها بالمسؤوليات الأساسية عن التنمية.
ففي دليل الأمم المتحدة الصادر عام 1961م ورد: "أن التحسن الإداري شرط لابد منه ولا غنى عنه في تنفيذ وإنجاز برامج التنمية الوطنية"، ويعتبر المفتاح الأساسي للتنمية والتطوير والتحسن الإداري يتمثل في الإدارة الجيدة، وهذا يعني تناول ومعالجة المعلومات الوثائقية بطريقة إيجابية وفعالة، وذلك باستخدام أنظمة التصنيف والاسترجاع المطورة والمحسنة باستخدام التقنيات الحديثة، والتي تؤدي إلى خفض المتوسط الزمني لاسترجاع المعلومات المطلوبة.
يمكن أن تكون المعلومات الوثائقية ذات فائدة علمية وتطبيقية في مجال التنمية، ومن الضروري الأخذ بتجارب سابقة كبديل عن البدء من الصفر في خوض غمار تجربة جديدة من شأنه أن يوفر الوقت والتكلفة، ويحول دون ازدواج الجهد، وربما يحول أيضاً دون الوقوع في الفشل، كما حدث في بعض الدول .
فالواجب على الحكومات أن تحتفظ ببعض أنماط معينة من السجلات والوثائق الجارية لاستخدامها مستقبلاً مثلها مثل الوثائق القديمة، وبالتالي فإنه من الممكن تبرير وجود دار للمحفوظات أو مركز لحفظ الوثائق بسبب المتطلبات والاحتياجات المستقبلية وحدها، فمن المؤكد أن حفظ مصادر المعلومات الوثائقية وإتاحتها للتداول يجعل التخطيط من أجل التنمية سهلاً وميسوراً، ويحول دون تكرار الجهود، ويدعم الاستمرارية، ويتمخض عنه فوائد عدة تستخلص من التجارب السابقة.
 يمكن أن تساهم المعلومات الوثائقية في تنمية الوحدة الوطنية وإذكائها وحل بعض الخلافات الحدودية بين بعض الدول المتجاورة، فإن كثيراً من الدول العربية وإن لم تكن كلها، ما هي إلا كيانات مصطفة منذ فترة الاحتلال الإنجليزي والفرنسي وغيره، الذي خلف وراءه خلافات ثقافية واجتماعية وحدودية بين الدول العربية، كما شجع على إحياء الصراعات القديمة، وحث على ظهور قوى سلبية تهدد بقاء واستمرار بعض الدول في العيش في أمن وسلام، ومن هنا فقد كانت الحاجة ماسة وملحة لصياغة عناصر الوحدة الوطنية، وبناء الوعي بالهوية الوطنية.
وتعتمد تلك الهوية إلى حد بعيد على التسليم والإقرار بالتاريخ الوطني الواحد الذي يعتمد تدوينه اعتماداً كبيراً بالضرورة والحتمية على البحث المتوفر والمتاح في المصادر الوثائقية التاريخية المعتمدة في حل تلك الخلافات بالطرق السلمية مثلما حدث في حل الخلافات الحدودية التي حدثت في النزاع حول منطقة طابا المصرية مع الإسرائيليين والتي حكم فيها للحكومة المصرية بعد الرجوع إلى الوثائق التاريخية المعتمدة من قبل الحكومة المصرية، والخلافات بين كل من دولة قطر ودولة البحرين بالطرق السلمية بعد الرجوع إلى الوثائق الرسمية.
  وفي إطار مجتمع متطور، يمكن أن تكون شرائح المجتمع كلها من المستفيدين من خدمات الوثائق والمعلومات المتوافرة بدار الوثـائق الوطــنية، إلا أنه يمكن التمييز بين نوعين من المستفيدين وهما:
أ- المستفيدون الفعليون .
ب- المستفيدون المحتملون.
كما يمكن تقسيم فئات المستفيدين بحسب أسلوب استخدامهم للأرشيف الوطنى فى شكله التقليدى إلى الفئات التالية :
أ- المستفيدون من الدرجة الأولي: وهم الذين يجب أخذهم في الاعتبار نظراً لأنهم يستفيدون من خدمات الوثائق والمعلومات بالأرشيف الوطني بشكل مباشر.
ب- مستفيدون من الدرجة الثانية: وهم الذين يحصلون على معلوماتهم من الوثائق أثناء زيارتهم للدار،  ولكن بشكل غير تقليدي أو غير مباشر.
ج- مستفيدون من الدرجة الثالثة: وهم أولئك الذين لم يزوروا الدار مطلقاً، ولكنهم يحصلون على المعلومات عن طريق المؤلفات المختلفة والاستشهادات المرجعية المُختلفة بالمراجع المؤلفة باستخدام الوثائق التاريخية الأرشيفية، أو عن طريق المعلومات التي ينقلها إليهم أساتذتهم في الجامعة – على سبيل المثال.
  كما يمكن تقسيم فئات المستفيدين حسب المهنة أو الوظيفة، أو المجال الموضوعي، أو المجموعة الأرشيفية التي يحتاجونها، ويشتمل هذا التقسيم على:
1- الباحثون الأكاديميون المتقدمون للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه وأبحاث الترقيات في الجامعات، وهم من الفئات الفعلية.
2- المؤلفون من الكتاب والمؤرخون وغيرهم، وهم من الفئات الفعلية.
3- الجهات الحكومية كالوزارات ووحدات الإدارة المحلية، ورئاسة الجمهورية وغيرها, وهذه الجهات تعتبر من الفئات الفعلية للمستفيدين، وأبلغ دليل على ذلك هو اعتماد الحكومة ممثلة في ( لجنة الدفاع عن طابا ) أمام محكمة العدل الدولية على وثائق وخرائط تاريخية تثبت حق تلك الوثائق بأحقية مصرفي هذا الجزء من أرض الوطن.
أضف إلي ذلك ما يمكن أن تحتاجه الحكومة الآن من وثائق تاريخية، تستخدمها لأغراض التنمية الوطنية، ومن تلك الوثائق المحفوظة بالدار مجموعة من الوثائق والخرائط عن منطقة توشكي بجنوب الوادي، وهي محفوظة في (محافظ جهادية السودان ) بالدار، وللأسف لم تستفد منها الحكومة حتى الآن، لأنها ربما تحدد تخطيطا مناسباً، أو تعدل فيما هو مخطط له بالنسبة لإنشاء هذا المشروع الوطني.
4- الشركات والمؤسسات الخاصة والجمعيات شبه الحكومية.
5- الجمهور من عامة الشعب الذين تنحصر طلباتهم في الحصول على مستخرجات رسمية من الوثائق المحفوظة بالدار بغرض حفظ حقوقهم أو أثبات وراثتهم أو ملكيتهم، وهذه الفئة أصبحت من الفئات الفعلية بعد أن نقلت إلي الدار مسجلات الوديعة الأرشيفية للمحاكم العثمانية من مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بالقاهرة عام 1996م، حيث أنهم أصبحوا يترددون على الدار بغرض الحصول على تلك الوثائق . 
6- الأرشيفيون العاملون بالدار الذين يعتمدون على الوثائق من أجل إتمام العمليات الفنية للمجموعات الأرشيفية المُناطة بهم.
7- الصحفيون والمحررون بالمؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء، وهم فئة محتملة.
8- العاملون في حقل الإذاعة والتليفزيون والسينما، مثل المخرجين، ومهندسو الديكور، ومصممو الملابس وغيرهم، وهم فئة محتملة من المستفيدين.
 9- الأثريون والعاملون في مجال التنقيب والترميم الأثري، وهم فئة فعلية لأن الوثائق تصف لنا عددًا من الآثار المعمارية وصفاً دقيقاً مفصلاً.
10- الباحثون المهنيون الذين يقومون بإعداد الدراسات والأبحاث المتخصصة من أجل فرد أو مؤسسة أو جمعية أو اتحاد، وهؤلاء فئة فعلية من المستفيدين.
11- رجال القانون من المحامين والقضاة ووكلاء النيابة العمومية وغيرهم، وهم فئة فعلية، لأنهم يعتمدون على الوثائق في التعرف على تاريخ النظم القانونية والقضائية،  ودراسة الصيغ القانونية الفنية، ونظم التوثيق وغيرها.
12- المؤرخون الشفهويون الذين يستخدمون المواد السمعية المسجلة على أشرطة أو غيرها، حيث أنهم يستخلصون مادتهم التاريخية الشفاهية من تلك المواد بعد نسخها وتفريغها.
وهذه الفئة من الفئات المحتملة التي يمكن أن تعتمد على مقتنيات الدار إذا تقرر إنشاء إدارة خاصة بالتسجيلات السمعية بالأرشيف الوطني.
إن المستفيدين يتوجهون إلي مصدر المعلومات الذي يؤمن لهم حاجاتهم من المعلومات الدقيقة وبالسرعة الكافية، وخاصة بعد التضخم الهائل في حجم المعلومات وسرعة إنتاجها، فلقد أصبحت دار الوثائق القومية في منافسة شديدة في ظل مجتمع المعرفة الذي نعيش فيه، ولذلك يجب التعرف على احتياجات المستفيدين الفعلية قبل اتخاذ أية تدابير فنية أو تقنية، ولذا يمكن تحديد احتياجات المستفيدين على النحو التالي :
1- الحاجة إلي بيان أو معلومات محددة.
2- الحاجة للحصول على مصدر معين، وعادة ما يكون المستفيد عارفاً بالمصدر المقصود أو موضوعه أو جهة إصداره أو مكان حفظه، ويريد الحصول عليه بالذات .
3- الحاجة إلي تتبع مجموعة من المصادر المتعلقة بموضوع معين، ويتطلب هذا النوع بحث شامل يتم فيه استرجاع المصادر المتعلقة بالموضوع المستعلم عنه.
ويضاف لهذه الفئات السابقة فئة جديدة ظهرت بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع التحول الرقمي، وهم المستفيدون عن بعد الذين يطلبون صوراً من بعض الوثائق المحددة سلفاً من خلال موقع دار الوثائق القومية www.nationarchives.gov.eg، ويتعذر عليهم الحضور إلي الدار للحصول على طلباتهم.
وتقديم خدمات الوثائق للمستفيدين لا يتوقف فقط على معرفة احتياجاتهم، ولكن أيضا يتطلب التعرف على المُشكلات التي تواجههم، والتي يمكن حصرها فيما يلي:
¨             أولاً : مشكلات بين المستفيدين وخدمات الدار وهي :
1- أصبح التعرف على مدي ملائمة الخدمات التي تقدمها الدار للمستفيدين أكثر صعوبة، مما يؤكد على أهمية قيام المستفيدين بالتعبير عن رغباتهم وحاجاتهم .
2- يجب ألا تتوجه جل خدمات الدار نحو فئة محددة من المستفيدين دون اعتبار للفئات الأخرى منهم، والتي يكون لها في أغلب الأحيان طلبات غير معلقة وغير معروفة، بحيث لا تقدم معظم الخدمات لفئة الباحثين الأكاديميين المترددين على الدار.
3- تجاهل رغبات المستفيدين الحقيقية، مما يؤدي إلي استنفاذ الوقت والجهد والأموال في تنفيذ سياسات بعيدة عن حاجات المستفيدين الفعلية.
4- غياب المشاركة الفعلية الإيجابية من قبل المستفيدين في رسم السياسة العامة للتطبيقات الجديدة وتوجيهها، وعدم قدرتهم على تحديد احتياجاتهم من هذه التطبيقات.
5- غياب مفهوم التسويق للخدمات والمعلومات التي تقدمها الدار للمستفيدين، ويرجع سبب ذلك لأنها مؤسسة خدمية، وهذا يؤدي بالضرورة إلي عدم تحقق الإتاحة الكاملة للوثائق، ومن ثم عدم اكتمال الفائدة المرجوة.
6- غياب مفهوم الإعلام والتعريف بنشاطات وخدمات الدار الحالية والمستقبلية، وهو ما يؤدي إلي مواجهة جهود العاملين باللامبالاة من بعض فئات المستفيدين، فالإعلام عن مقتنيات الدار ونشاطاتها يعمل على توجيه الرأي العام إلي أهمية الوثائق وضرورة الحفاظ عليها وتسجيلها وصيانتها وتسليمها إلي دار الوثائق القومية، وهو ما ينمي مقتنيات الدار من الوثائق التي يمكن أن تجتذب فئات جديدة محتملة من المستفيدين، وتستطيع الدار تنفيذ ذلك من خلال عرض الأفلام التوثيقية عن الوثائق وأهميتها، وكذلك عمل المعارض المختلفة.
7- تعامل المسئولين مع الإجراءات الإدارية بالدار على أنها تخص الإدارة وحدها دون الأخذ في الاعتبار آراء المستفيدين أو مقترحاتهم.
8- غياب فكرة التدريب والتعليم للمستفيدين، وخاصة الجدد منهم على الطرق العملية لعرض طلباتهم، وطرق تصنيف الوثائق وفهرستها، وقراءة الخطوط، وطرق الحفظ الوقائي، وغير ذلك مما يجب تقدميه باستمرار وهو ما تحقق مؤخرًا من خلال ( مدرسة دار الوثائق).
9- عدم توفر الخصوصية للمستفيدين أثناء إجراء أبحاثهم في قاعات البحث، وهو ما توفر أيضًا في الفترة الأخيرة بعمل نظام استرجاع للوثائق بأحدث التكنولوجيات بما يوفر تلك الخصوصية.
10- عدم تقديم المعلومات الكافية واللازمة للمستفيدين أثناء إجراء أبحاثهم، وذلك على الرغم من أنها المهمة الأولي لأمناء الوثائق والمعلومات في خدمة المستفسرين والمستفيدين.
¨      ثانياً / مشكلات المستفيدين مع العمليات الفنية بالدار تتلخص في:
1- أن بعض المستفيدون قد لا يعرفون ما يريدون تحديداً، ومن ثم فهم يقدمون معلومات غامضة عن موضوع ناقص في أذهانهم.
2- أن المستفيد قد يكون علم ببعض جوانب الموضوع فقط، فقد يعرف أن الموضوع الذي يبحثه متعلق ببعض الأشخاص لكنه لا يتذكر أسماؤهم.
3- أن المستفيد يصف الموضوع وصفاُ سقيمًا نتيجة حداثته بالموضوع، أو نتيجة عدم عنايته بدراسة الموضوع الذي يطلب عنه الوثائق.
4- قد تكون كثرة الفهارس المستخدمة سبباً في تأخير الوصول إلي المعلومات المحددة التي يمكن أن يستفاد منها الباحث.
5- قد تكون قلة الفهارس المعدة والمتاحة عن الموضوع أو عدم اكتمالها سبباً مباشراً في تشتت الباحث ومحاولته استنتاج أماكن غير صحيحة للوثائق موضوع بحثه.
6-  أن ثورة الاتصالات واستخدام الحاسبات الآلية والنظم الرقمية، سوف يؤدي إلي خلق مشكلات فنية من نوع جديد غير تقليدي يجب العمل على مواجهتها ووضع الحلول المناسبة لها أثناء التخطيط وقبل التنفيذ لهذه المشروعات المعتمدة على استخدام نظم المعلومات والتقنيات والبرمجيات ووسائل الاتصال الحديثة، فاستخدام دار الوثائق لهذه النظم والتقنيات مستقبلاً من شأنه تعديل مفهوم الأرشيف عند عدد كبير من المستفيدين.
7- عدم وجود العدد الكافي من الأرشيفيين المتخصصين للقيام بكل العمليات الفنية على الوجه الأمثل بما ييسر سبل الإتاحة وتعرف المستفيدين على مقتنيات الدار.
8- عدم وجود بعض الخدمات الفنية الخاصة بالوثائق مثل خدمة الإحاطة الجارية، والبث الانتقائي للمعلومات، والكشافات، والأدلة وغير ذلك من الخدمات الفنية التي تعيين المستفيدين على الوصول إلي مآربهم.
9- عدم انتظام عمليات الحفظ للوثائق والسجلات يؤدي إلي صعوبة الحصول على هذه المقتنيات، وبالتالي صعوبة الحصول على المعلومات اللازمة.
10- احتياجات عدد من الباحثين لاستخدام نوع معين من الوثائق أو السجلات في آن واحد، كأن يحتاج بعض الباحثين استخدام سجل " دفتر أمور إدارة وإجراءات " وهو من السجلات ذات الموضوعات العامة لاحتوائه على عدد من الموضوعات مثل اللوائح والقوانين والتي صدرت خلال القرن التاسع عشر الميلادي.
11- تدهور حالة الوثائق والسجلات يمنع حصول الباحث على ما يريده منها، وبالتالي عدم حصوله على ما يلزمه من معلومات.
12- لغة الوثائق يمكن أن يكون عائقاً أمام بعض الباحثين، مما يصعب إجراء البحث، أو ربما يلغي تفكير في البحث في الموضوع.
13- تأثر بعض المستفيدين بالعوامل الكيميائية الضارة صحياً نتيجة تخير وتعقيم الوثائق والسجلات المستخدمة ن وخاصة إذا أستمر استخدام الباحث لتلك الوثائق والسجلات مدة طويلة.
14- عدم توافر المصادر والمراجع العملية المتخصصة في مكتبة الدار بالقدر الكافي للتخصصات والاتجاهات البحثية المختلفة.

¨                              ثالثاً : مشكلات المستفيدين مع غياب الوثائق :
تتشتت أعداد كبيرة من المجموعات الأرشيفية المصرية في أجهزة الدولة والمكتبات المختلفة ودور العبادات مثل وثائق وسجلات بطريركية – الأقباط – الأرثوذكس المحفوظة بمقر البطريركية بالعباسية، ووثائق الأوقاف المحفوظة في الأرشيف التاريخي لوزارة الأوقاف بالقاهرة وغير ذلك الكثير من المجموعات الأرشيفية المهمة التي يجب أن تضمها الدار لمقتنياتها لتلقي ما يجب من الرعاية والعناية اللازمة وفقاً للأصول العلمية المتبعة بالدار، إذا أن هذه الجهات التي تحتفظ بوثائقها لا تعطي العناية الواجبة لهذه المقتنيات مما ترتب عليه في معظم الأحيان فقدانها أو تلفها .
والحقيقة أن سبب عدم ضم هذه المجموعات إنما يرجع لتلك الجهات نفسها، فكل منها لها مبرراتها وأسبابها التي تدعيها للاحتفاظ بوثائقها. ويعاني المستفيدون من هذه المشكلة التي لم تستطع دار الوثائق حلها جذرياً حتى الآن، ومن ثم فهم يحتاجون إلي التردد على أكثر من مكان واحد من هذه الأماكن، بالإضافة إلي ترددهم على دار الوثائق القومية أثناء إعداد دراساتهم وأبحاثهم مما يكلفهم ضياع كثير من الوقت والجهد والأموال .
وتأخر دار الوثائق في ضم هذه المجموعات ليس له سبب مبرر، فعلي الرغم من مساندة قانون إنشاء الدار بمادتيه الثانية والخامسة للمسئولين في ضم هذه المجموعات التي تعد " مادة لتاريخ مصر " في جميع العصور 51، إلا أنهم لا يتطلعون إلي ضمها في الوقت الراهن، وربما يكون ذلك بسبب توارد الآلاف الوثائق سنويا من الوزارات والهيئات الحكومية على الدار، مما تسبب في مشكلة جديدة وهي ضيق مخازن، الحفظ بالدار .
والحل العلمي إذن يجب أن ينفذ من قبل إدارة دار الوثائق في سبيل خدمة الباحثين هو ضم هذه المجموعات من أماكنها المحفوظة فيها .
أما المشكلة الأكبر – بالنسبة للباحثين – فهي تلك الوثائق المصرية المحفوظة خارج مصر في الأرشيفات والمكتبات والمتاحف العالمية وهي متنوعة وكثيرة، وتحتاج أيضاً إلي قرار من إدارة الدار مدعم سياسياً من الدولة لضم أكبر كم ممكن من هذه الوثائق التي تخدم البحث العلمي والثقافة العلمية في مصر.
هذه هي بعض مشكلات المستفيدين المترددين على الدار، وهي بالطبع تحتاج في معظمها إلي حلول جذرية حتي تستطيع الدار تقديم خدماتها علي أعلي مستوي ممكن .
ولنجاح خدمات دار الوثائق الوطنية (أو الأرشيف الوطني) التي تقدمها للمستفيدين، بدأ المسئولين باتخاذ بعض التدابير التالية:
1- التعرف على أنواع المستفيدين وفئاتهم، لتوفير الخدمات بما يتناسب مع كل منهم سواء كانوا فعليين أو محتملين.
2- تفهم حاجات المستفيدين الفعلية بشكل جيد والأخذ بمقترحاتهم .
3- سهولة تقديم الخدمة والابتعاد عن التعقيدات .
4- الاهتمام بسياسات بحوث الخدمات وتطويرها .
5- تأييد الإدارة لأفكار الخدمات الجديدة وتجربتها وتنفيذها .
6- توفير الموارد والإمكانيات البشرية والمادية المطلوبة لإعداد خدمات جديدة .
7- حداثة المعلومات التي تقدم للمستفيدين وشموليتها وكفايتها .
8- المرونة الكاملة لدي المسئولين عن التخطيط ووضع استراتجيات العمل.
9- التعرف الدوري على رد فعل المستفيد على الخدمة التي قدمت له.
10- الاهتمام بالدراسات الأكاديمية والبحوث التي ينتجها الباحثون في مجال الأرشيف والوثائق والمعلومات، والعمل على تنفيذها.
11- تنمية العلاقات المهنية بين الدار والمؤسسات والجامعات ودور الوثائق العالمية الأخرى لتبادل الخبرات والممارسات العلمية والعملية.
12- دعم جميع الإجراءات التي تهدف للمحافظة على هذا التراث .
13- الاهتمام بتحسين الخدمات المتاحة حالياً، وتطويرها.
14- الأخذ بجميع مظاهر التقنيات الحديثة التي من شأنها رفع مستوي الخدمات بالدار، وتقديم خدمات جديدة.
15- وضع الأولويات كخطوة أساسية مبدئية .
16- وضع تقارير دورية مكتوبة تحدد أهداف كل إدارة وما تم إنجازه منها والمعوقات التي ظهرت في كل مرحلة تنفيذية.
إن دار الوثائق القومية تعتبر أحد أجهزة الدولة الخدمية، أي التي ينتظر منها تقديم الخدمات المختلفة التي تحقق هدفين – كما سبق الإشارة – وهما : حفظ الوثائق وتيسيرها للمستفيدين .
ونظراً لتعدد خدمات دار الوثائق القومية المتاحة في الوقت الحالي والمنتظر إتاحتها في المستقبل، فنري أن تقسم هذه الخدمات وفقاً للهدف الذي سوف يتضمن بداخله تقسيم لهذه الخدمات وفقاً لأنواعها، وأشكالها، ومتطلباتها الفنية والمادية والبشرية الحالية والمستقبلية .
ومن هذا المنطلق، أمكن تقسيم تلك الخدمات إلي:
أولاً: خدمات الوثائق: وهي تقدم للوثائق بهدف حفظها وصيانتها.
ثانياَ: خدمات المستفيدين: وهي أما مباشرة يحصل عليها المستفيد بشكل مباشر، وأما غير مباشرة يحصل عليها المستفيد عن طريق غير مباشر بعد إتمامها، فإن لم توجد أو تكون غير مكتملة فإن المستفيد سيُتم بحثه، ولكن بمزيد من المشقة وبذل الجهد والوقت والأموال .
ثالثاً: خدمات مشتركة بين الوثائق والمستفيدين: وهي تلك الخدمات التي تقدمها الدار للمحافظة على الوثائق من جانب، ومن جانب أخر لخدمة الباحثين وتيسير سبل الإفادة من الوثائق.
وفيما يلي عرض لهذه الخدمات بالتفصيل :
1- سلطة الإشراف على وثائق الدولة :
إن إنتاج الوثائق الأرشيفية وحفظها هما ظاهرتان قديمتان قدم ظهور الكتابة واستعمالها، والوثيقة الأرشيفية تنشأ أصلاً لأغراض إدارية وتحفظ لأغراض ثقافية وإدارية غير تلك التي أنشئت من أجلها.
فالوثائق الأرشيفية تعتبر جزءاً من الإدارة التي أنتجتها، فهي نتاج أداء عمل من الأعمال أو نشاط من النشاطات الإدارية، جمعت بطريقة طبيعية في إدارتها الحكومية للإيفاء بأغراض إدارية محددة، والطريقة التي تكونت بها هذه الوثائق في تلك الإدارة الحكومية تكسبها التماسك والترابط والتسلسل داخل المجموعة نفسها وخارجها.
ولا شك إذن في أن مكونات الأرشيف القومي ورصيده هي أصلا مواد مرتبطة بكيانات وأصول تنظيمية حكومية مختلفة وفقاً لبرنامج إضافة محدد ومنظم يبدأ في إدارات الوثائق الجارية ( مركز المعلومات الإدارية ) في الأجهزة الحكومية، وينتهي في الأرشيف الوطني.
إذ أنه يجب التفكير في زيادة فاعلية الأرشيف الوطني ليصبح– بجانب دورها في حفظ تراث الأمة – عنصراً من عناصر الثقافة القومية والمستودع الأول لأدوات البحث في التاريخ الوطني.
وهنا يجب التنويه إلي أنه من الضروري أن تتوجه سياسة دار الوثائق القومية نحو توجيه الوزارات والهيئات الحكومية لعمليات التحويل الرقمي في إدارات المحفوظات التابعة لها، وذلك حتى تصل هذه الوثائق والمستندات والسجلات إلي الدار في شكلها الرقمي خلال السنوات القادمة ، علي أن تتابع وتراقب وتشرف علي تلك العمليات وفقاً لنظم فنية مُحددة تعمم علي جميع القطاعات الحكومية بالدولة.
وعلي المدي القريب تكون الدار قد طبقت بالفعل نوعيين من التحويل هما:
1.  التحويل الراجع Retrospective Conversion
ويقصد به تحويل بيانات أوعية المعلومات التي اقتنتها دار الوثائق قبل اتخاذ خيار التطوير والتحول من النظام اليدوي إلى النظام الرقمي.
2.  التحويل الجاري Current Conversion
ويقصد به تحويل بيانات أوعية المعلومات التي تقتنيها الأجهزة الحكومية بمجرد إنتاجها في أماكنها فتتحول بذلك المقتنيات الجارية وشبه الجارية من النظام اليدوي إلى النظام الآلي حتى فتتحول إلي الأرشيف القومي في شكلها الإلكتروني ، وهو ما يوفر الكثير من الوقت والجهد والأموال ، ويضمن سلامة تنفيذ الإجراءات الفنية ، حيث أن الشخص الذي أنتج الوثيقة يكون هو الأقدر علي فهرستها وتصنيفها وتكشيفها واستخلاصها من أي شخص أخر .

2- الوقاية والصيانة والترميم :
يعرف الحفظ الأرشيفي بأنه تلك " الإجراءات التي تمكن المواد داخل الأرشيفات – سواء كانت الدعائم المادية نفسها أو المعلومات التي تحتويها – أن تحفظ لأقصي مدة زمنية بقدر الاحتياج إليها "، كما يعرف أيضا بأنه " السياسات المتخصصة والممارسات المستخدمة في حماية المواد الأرشيفية من التلف والدمار والبلى، ويدخل ضمن ذلك الوسائل والتقنيات التي يبتكرها العاملون الفنيون  "، وعلى ذلك فيجب على القائمين بالأرشيف الاهتمام بالوقاية أولاً ، ثم صيانة كل الوثائق التى تحتاج إلى ذلك .
 
3- خدمة الإعارة:
تعتبر خدمة الإعارة والإطلاع من الخدمات الأساسية التي تقدمها الدار للمستفيدين بموجب الدستور المصري، وينص قانون إنشاء الدار الذي جاء في مادته الثانية ما يؤكد على " تيسير دراسة " الوثائق كما تحددت في مادته الثالثة السلطات المخولة لمجلس الإدارة في " وضع شروط الاطلاع على الوثائق وأخذ الصور منها ".
وينبغي على أمين الوثائق أن يعير الوثائق للباحثين عند الطلب، وتقديم المعلومات عن الوثائق أو من الوثائق بجميع الطرق المتوفرة، لأن أمين الوثائق إنما وجد ليجعل عمل الآخرين ممكنا وميسورًا، وهدفه هو تقديم كافة السبل للمعرفة دون انحياز أو تردد إلي جميع الراغبين في المعرفة.
4- خدمة التصوير الورقي :
تتاح للمستفيدين هذه الخدمة بالدار بمقابل مادي يتحدد من قبل مجلس إدارة الدار ويمكن الآن تقديم هذه الخدمة من خلال موقع الدار مباشرة.
5- إرشاد الباحثين والرد على الأسئلة والاستفسارات :
تهدف هذه الخدمة إلي مساعدة الباحثين على استخدام المعلومات المتوفرة لدار الوثائق للاستفادة منها، كما تعمل على الإجابة على أية أسئلة أو استفسارات يتوجهون بها طلبا للحصول على معلومات معينة أو حقائق بالذات أو طلبا للحصول على مصادر معلومات البحوث التي يقومون بإعدادها، فهذه الخدمة تنطوي على تقديم المعلومات المطلوبة والإرشاد إلي المصادر الملائمة والمساعدة على استخدامها  واستخراج المعلومات منها.
6-  خدمات الإحاطة الجارية والبث الانتقائي للمعلومات :
وهى من الخدمات المهمة التي تقدمها الأرشيفات الوطنية للمستفيدين، وهي عبارة عن نظام استعراض الوثائق المتاحة حديثًا واختيار المواد الملائمة وتسجيلها وإعلام الباحثين بها.
وتعرف الإحاطة الجارية أيضا بأنها " خدمة لتزويد المستفيدين بأحدث المعلومات أو المواد المرتبطة بموضوع ذو أهمية خاص لهم " وتستخدم على نحو ما بالتبادل مع مصطلح البث الانتقائي للمعلومات. إلا أنه يجب التفريق بين خدمة الإحاطة الجارية وخدمة البث الانتقائي للمعلومات، فالإحاطة الجارية تكون موجهة للباحثين كلهم أو للباحثين كمجموعات أو قطاعات وتهدف بوجه عام إلي تزويد كل مستفيد بصفة دورية بما يحتاج إليه من معلومات أو بيانات يمكن أن تدخل ضمن نقاط اهتماماته، أما البث الانتقائي للمعلومات فهو خدمة موجهة للفرد مباشرة، أي أنها مصممة وفقا لاحتياجات كل بحث بعينه، ولهذا فهي تختلف في أغراضها عن نشرة الإحاطة الجارية.
وقد بدأت دار الوثائق تقديم هذه الخدمات من خلال موقعها علي الإنترنت وذلك بإنشاء نشرة أخبار دورية للإحاطة الجارية على الموقع ويتم تحديثها باستمرار كل فترة محددة.

7- قراءة الخطوط القديمة:
للكتابة أبلغ الأثر عن جميع الأمم، وذلك لتميزها في حفظ تراث الأمم السابقة في دواوين العلم، إذ أن العبارة المكتوبة تلي العبارة المنطوقة في الإفصاح عن الفكر، لذا وجب دراسة خطوط الوثائق والسجلات، ذلك لأن لكل عصر نهجا خاصا به في الخط ونظام كتابته، وهو ما يعني به علم ( الباليوجرافيا ) أو علم ( دراسة الخطوط القديمة ) المستخدمة في كتابة الوثائق والسجلات، وتعتبر قراءة الوثائق المدونة بخطوط قديمة غير مألوفة للكثير من الباحثين وخاصة الجدد منهم، فهي تعتبر من الخدمات المهمة التي يجب أن تقدمها دار الوثائق للمستفيدين من الباحثين والجمهور وغيرهم ونقترح في سبيل ذلك إنشاء ( قسم خاص لقراءة الوثائق ) علي أن يتبع في إدارته لإدارة خدمة المستفيدين بالدار، ويقدم خدمات بمقابل مادي معقول يتم تحديده مسبقا، فبعض الباحثين يحتاجون لهذه الخدمة نظرا لضيق أوقاتهم بسبب ظروف السفر أو لتضخم إعداد الوثائق التي يبحثونها، ولذلك فمن المتوقع أن يلجئوا لهذا القسم للاستعانة بخدماته.
  أيضا فإن الجمهور الذين يحصلون علي مستخرجات رسمية من الحجج فإنهم أيضا سوف يلجئون لهذا القسم وبإعداد كبيرة نظرا لأن معظمهم من غير المتخصصين لذلك فهم يلجئون عادة للمحامين أو غيرهم لقراءة هذه الوثائق، وهو ما يمكن أن تستفيد منه الدار بحثيًا وماديًا. 
8- خدمة الترجمة:
  تحتفظ  دار الوثائق القومية بمجموعات كبيرة من الوثائق والسجلات المدونة بلغات غير العربية منها التركية والفارسية والفرنسية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والروسية والعبرية والأمهرية، وهي تحتاج في معظمها إلي الترجمة ليستطيع الباحثون الاستفادة منها .
  وخدمة الترجمة تعتبر من أهم الخدمات التي تقدمها دور الوثائق في العالم، وذلك لأنها تساعد الباحثين علي متابعة دراستهم في الموضوعات التي يختارونها للبحث، ولذلك ينبغي علي دار الوثائق أن تعد الكوادر القادرة علي تقديم هذه الخدمة من الوثائقيين أو من المترجمين بعد إعدادهم من خلال الدورات المتخصصة.
  ولذلك لابد في سبيل تطور هذه الخدمة أن يقدم القسم خدماته بمقابل مادي، وفي ذلك تتحقق فائدتين وهما خدمة  المستفيد الذي يطلب الخدمة ويدفع مقابلها، بأسعار مناسبة مخفضة عن الخارج، وكذلك لخدمة الباحثين في المستقبل وذلك عن طريق الاحتفاظ بنسخة من الترجمة تُضم إلي الوثائق الأصلية المترجمة في مجموعاتها الأرشيفية التي تنتمي إليها .
  علي أن يتم الاعتماد في تقديم هذه الخدمة بهذا الشكل علي المترجمين المتخصصين من داخل الدار أو خارجها – بالقطعة ( بالصفحة )، علي إلا يؤثر هذا العمل علي خطط القسم في ترجمة الوثائق الأجنبية في المجموعات الأرشيفية بانتظام وبالجودة والدقة المناسبة.
 9- نشر وتحقيق الوثائق:
   إن المؤرخ الباحث في تاريخ مصر لن يستطيع الكتابة بإجادة إلا عندما يعمل الوثائقيون علي نشر هذه الوثائق تمامًا، مصححة ومحققة ومفهرسة بدقة وأمانة، مهما كانت حالتها المادية، وعندئذ تستنير جوانب البحث العلمي
  وهذه الخدمة رغم أهميتها، فإن دار الوثائق تسير فيها بخطي حثيثة، فقد بدأت أول الأمر بنشر السجل الأول لديوان المعية السنية القسم العربي من الديوان، وذلك خلال السنوات العديدة الماضية.
  وبعد ذلك اتخذ مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر التابع لهيئة دار الكتب والوثائق القومية علي عاتقه إنجاز مجموعة من الأبحاث التي قام بإعدادها الباحثين بالمركز تحت إشراف أساتذة متخصصين، وقدموا عدة دراسات منها : تحقيق مذكرات سعد زغلول، وعبد الرحمن فهمي، ومصطفي كامل، ومحمد فريد، والهلباوي، وغير ذلك من الدراسات التي قدمها المركز.
  وقد أنشأت دار الوثائق القومية دورية متخصصة في الوثائق والتاريخ بعنوان ( الروزنامة )، وهى تساهم في تقديم خدمة النشر والتحقيق بشكل غير مباشر من خلال دراسة ونشر الوثائق وتحقيقها التي يُعدها الباحثون المتطلعون للنشر في هذه الدورية، أيضا فإن الدار قامت بإعداد مشروع نشر وتحقيق وثائق الثورة العرابية، وثورة 23يوليو 1952م ، وإعداد مشروع نشر وتحقيق دفتر ترتيب وظائف وهو من السجلات التي  تحتوى على اللوائح والقوانين التي  صدرت منذ بدايات عصر محمد على وهو من الأعمال التي لم تنشر من قبل، وهذه الأعمال تعتبر خطوة علي الطريق في سبيل تطور خدمة النشر وتحقيق الوثائق .
 10- إعداد القوائم والفهارس والأدلة والكشافات والمستخلصات:-
   يتركز عمل الأرشيفي بشكل كبير في إعداد وتجهيز الوثائق من خلال إعداده للأدلة والفهارس والقوائم وكشوف الجرد والكشافات والمستخلصات وغيرها من أدوات البحث التي يستعين بها الباحثون في إنجاز أبحاثهم العلمية في دار الوثائق القومية.
  ولأن الوثائق بطبيعة تكوينها وإصدارها تتغير من أن تكون محلا للضبط الببليوجرافي العلمي المنظم وفقا لقواعد مقننة، لذا فإن الواقع يفرض علينا أن نعد ما استطعنا من إمكانات مادية وبشرية وفنية للتعامل مع هذه المواد الأرشيفية المتميزة لإتاحتها للمستفيدين بجميع نوعياتهم وفئاتهم .

*  الفهرسة الآلية والبحث:
إن وجود قواعد معلومات متقدمة ضمن نظام الأرشيف الإلكتروني يعطي مرونة عالية في تصنيف وفهرسة الوثائق المصورة واستخراج القوائم والإحصائيات عنها، وتبرز هذه الميزة عندما يشارك مكلفو الإدارات المستفيدة في عمليات التصنيف وتحديد الملفات (الموضوعات) التي تُدرج فيها الوثائق المُرسلة للإدخال، لأن بالإمكان وضع نظام متطور للفهرسة يسهل عملية استرجاع المعاملات المرتبطة ببعضها (مثل ذلك إمكانية طلب كل الوثائق عن الوضع الاقتصادي خلال فترة زمنية معينة).
 كما يمكن أن يتم تزويد الباحث بمحطة استرجاع مرتبطة بالنظام يتمكن من خلالها استعراض الوثائق المطلوبة دون الرجوع إلى إدارة الوثائق الإلكترونية، وفي ذلك توفير للجهد والوقت معاً.
لذا فإن عملية الاسترجاع في نظام إدارة الوثائق الإلكترونية متطورة جداً عما هي عليه في النظام التقليدي اليدوي، ففي حين أن كل الوثائق المخزنة في نظام إدارة الوثائق الإلكترونية قابلة للاسترجاع والاطلاع الفوري والمتعدد On- line من أية نقطة في الشبكة العالمية، فإن عملية الاسترجاع في النظام التقليدي اليدوي عملية تسلسلية تتطلب التعامل الفعلي مع الملفات بالكامل التي  تحتوي على الوثائق مع كل طلب استرجاع•
11- خدمة التداول ونقل الخدمة:
يتطلب إيصال الخدمة لأماكن أخرى في نظام إدارة الوثائق الإلكترونية إلى ربط ذلك المكان مسبقاً بالنظام عن طريق شبكة اتصالات أو تواجد نظام مماثل (أو مصغر) به ومن ثم نقل الأسطوانات الضوئية آلياً أو عن طريق شبكة الاتصالات المتوافرة حالياً عن طريق الهاتف أو شبكة الإنترنت إذ بالإمكان إيصال الخدمة والدخول لأكثر من باحث في الوقت نفسه على النظام.
ولأن قواعد البيانات المرتبطة بإدارة الوثائق التاريخية تحتوي على بيانات ومعلومات عن الوثائق التاريخية إذ يتم إدخال تلك البيانات بعد تعريفها في قاعدة معلومات الوثائق التاريخية ومن مزايا هذه القاعدة قوتها في البحث والاسترجاع.
إذ يمكن للباحث البحث بعدة أشكال وهي:
1.    عرض بيانات الوثيقة بدلالة الرقم (أو الرمز).
2.    البحث بعنوان الوثيقة أو بجزء منه.
3.    البحث عن وثائق بدلالة جهة الإصدار.
4.    البحث عن وثائق بدلالة الصادر إليه.
5.    عرض وثائق بدلالة تصنيف الموضوع.
6.    البحث عن وثائق بدلالة الأعلام الذين ذكروا في الوثيقة.
7.    البحث عن وثائق بدلالة الأماكن التي ذكرت في الوثيقة.
8.    البحث عن وثائق بدلالة الهيئات التي ذكرت في الوثيقة.
9.    عرض وثائق بلغة محددة.
10.     البحث الحر في خلاصة الوثيقة.
11.     البحث بدلالة التاريخ.
12.     كما يمكن البحث بأكثر من عنصر من عناصر البحث مجتمعة.
ومن مزايا هذا النظام عرض بيانات الوثائق المسجلة في الحاسب وفي حالة الحاجة إلى الوثيقة يقوم النظام بعرض صورة عن الوثيقة عن طريق نظام إدارة الوثائق دون الحاجة إلى الخروج من النظام كما يمكن طباعة تلك البيانات أو طباعة الوثيقة كاملة.
ثالثا : الخدمات المشتركة ما بين المستفيدين والوثائق وهى الخدمات الآلية التي  بدأت الدار بتوفرها للمستفيدين على اختلاف تخصصاتهم واتجاهاتهم البحثية.
   ومن الطبيعي أن دار الوثائق القومية عندما تقرر استخدام النظم الرقمية في الحفظ والاسترجاع للوثائق، لابد أن تقوم بدراسة عدة خيارات تقنية للاختيار من بينها، مع الأخذ في الاعتبار تكلفة المشروع ككل، والحفاظ علي الوثائق وسهولة الاستخدام .
   وعلي وجه العموم فإن استخدام النظم الرقمية في الأرشيف الوطني المصري وفر المزايا التالية:
1.    المساعدة في الحفاظ علي الوثائق، وخاصة التالفة منها، وإتاحتها عن طريق الحاسب الآلي دون الاعتماد علي الأصول.
2.    إظهار تفاصيل لا يمكن رؤيتها مباشرة علي الوثيقة وذلك باستخدام الأشعة فوق البنفسجية أثناء المسح بالإسكانر .
3.    سهولة الاسترجاع وفقا للموضوع أو التاريخ أو المكان أو الشخصي أو الجهة أو غير ذلك.
4.    سهولة الاستخدام وسرعة الاسترجاع لأكثر من شخص في نفس الوقت .
5.    إتاحة المعلومات علي شاشات للمستفيدين أو محطات استرجاع، علي وسائط تخزين ثانوية أو في شكل مطبوع في المكان نفسه أو عن بعد.
ونظرًا لأن العالم يشهد تطور سريع جداً لتقنية المعلومات والاتصالات، ومع الازدياد في المنافسة وقلة الموارد يتحتم على الإدارة أن تعتمد على هذه التقنيات لتحقيق أهدافها وضمان استمرارها، وهذا مما يستدعي تغيير المفاهيم السائدة عن العمل الإداري و إدارة المؤسسات.
ويتميز انتشار تقنية المعلومات بالسرعة والشمولية ويعود ذلك لما تمنحه المعلومات من قوة وسلطة لمن يحصل عليها ويسعى مديرو المؤسسات للحصول على كل الوسائل التي تسمح لهم بالمزيد من القوة والقدرة على إدارة مؤسساتهم ولتسهيل وتسريع عمليات صنع القرار .‏‏‏
إن العمل في مشروع التحول الرقمي أو رقمنة الوثائق بدار الوثائق يسير علي قدماً وساق بخطي ثابتة منذ بدايته لتتحول بذلك الأعمال اليدوية الورقية التقليدية إلي أعمال إلكترونية رقمية غير تقليدية، وقد تغيرت اللغة والمصطلحات المستخدمة، فأصبحنا نسمع مصطلحات الإدخال الإلكتروني، وقاعدة البيانات، والمسح الضوئي، ومراقبة الجودة وغير ذلك من المصطلحات المستخدمة حديثاً في أروقة الدار، وهو ما استلزم بالضرورة الإعداد لهذا العمل الشاق، وهو وضع جديد لوثائقنا  يمثل البداية الحقيقة لوضع أرشيفنا القومي علي الخريطة العالمية كأهم وأضخم أرشيف رقمي - وفي رأيي - سيكون له انعكاساته الإيجابية علي أدوات البحث العلمي وعلي نتائجه في مصر، فالباحث يستطيع أن يطلع علي صور وثائق تاريخ مصر من حاسبه الشخصي أو المحمول في أي مكان من العالم ليتفرغ بذلك لبحثه الذي يُعده فيقل الوقت والمجهود المبذولين في تجميع مادته العلمية، ومن ثم توفيرهما لكتابة البحث ذاته والحصول علي نتائجه المرجوة.
ومشروع رقمنة الوثائق التاريخية يهدف إلي توفير مميزات متعددة ومتنوعة لكل أنواع المستفيدين من الباحثين وغيرهم، فالمتخصصين في الوثائق والأرشيف والتاريخ والآثار واللغة والقانون و الفقه و الشريعة والإدارة والسياسة والحكم والطب والهندسة والزراعة وغيرهم من المتخصصين يمكنهم الاستفادة من هذا التراث الحضاري الذي يتضمن معلومات غزيرة في كل هذه التخصصات، كما يفتح المجال أمامهم للاتصال بالباحثين والعلماء في دول العالم المختلفة وفي ذلك إثراء للبحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية علي وجه الخصوص، كما أن هذا المشروع يساعد علي استخدام نفس الوثائق والمعلومات في ذات الوقت لأكثر من شخص في العالم دون المساس بأصول هذه الوثائق مع توفير الحماية والأمن والأمان لها، وإمكانية استخدمها في أشكال تقليدية ورقية مرة أخري أو في أشكال غير تقليدية أو إلكترونية .
وكما يستفيد المتخصصون في تخصصاتهم المختلفة من هذه الوثائق فإن المواطن المصري العادي غير المتخصص يستطيع أن يستفيد أيضاً من هذه الوثائق أولاً في إثبات حقوقه وملكياته الموروثة والمكتسبة، وثانياً في الإطلاع علي تاريخنا غير المدون الذي أنتجته لنا الأيام والأشخاص والهيئات والمؤسسات والدواوين والوزارات والحكومات في مصر علي مر العصور الإسلامية العربية، ويكفي أي مواطن للإطلاع علي هذه الوثائق أن يمتلك جهاز حاسب آلي متصل بشبكة الإنترنت العالمية، وفي هذا فائدة جديدة يستطيع الإنسان المصري أن يستغلها للانفتاح علي العالم لمطالعة كل ما هو جديد في العلم والفن والثقافة بوجه عام . وبالتالي فإن هذا المشروع سوف تتحقق منه فوائد جمة يمكن إجمالها في الحفاظ علي هذا التراث الثقافي الضخم وإتاحته للمستفيدين مهما بلغت ندرته أو إصابته بإحدى عوامل التلف والعطب بفعل التقادم والزمن، كما أنه يهدف إلي توسيع دائرة المستفيدين من ذوي الاتجاهات البحثية والمعرفية والثقافية المختلفة، كما يمكن من خلاله توفير برامج تعليمية موجهة لأولئك المستفيدين لتطوير مهارتهم في البحث واسترجاع المعلومات واستخدامها في الأغراض المختلفة، وهذا من شأنه مساعدتهم في البحث بصفة عامة من خلال استخدام تكنولوجيات الحاسب الآلي بما ينمي المستوي الثقافي لدي المواطن المصري، أضف إلي ذلك أن الموقع بما يحتويه من قاعدة بيانات للوثائق سوف يضيف إلي المواقع العربية إضافة كبيرة ويدعمها، وهذا كله بالإضافة إلي التسويق لمصر عالمياً بما يخدم المجالات الأخرى كالسياحة والاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية إلي مصر .
ولقد ظلت مهمة المؤسسات الأرشيفية على مدى عقود عديدة دون تغييرات جوهرية، إلا أن إدخال تطبيقات تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع بدءاً من التسعينات غيَّر الطرق المعتمدة في أداء مهماتها تغييراً جذرياً، وقد هدفت بعض التغييرات إلى الإفادة من التقنيات الحديثة لإنشاء أدوات بحث فعالة تسهل النفاذ إلى الوثائق، المطلوبة وتبسط عملية البحث،أيضاً فقد واجهت هذه التطورات في بداياتها تشكيكاً كبيراً حول مدى القدرة على حفظ الصورة الأرشيفية دون أي تغيير أو تزوير عبر الشبكة الحاسوبية، فمن المعروف أن معالجة الصورة بلغت مراحل متقدمة جداً وأن أية عملية تجرى على هذه الصور قد لا يستطيع أحد أن يكشفها، كما أثيرت تساؤلات عديدة حول التوقيع الإلكتروني وإمكانية اعتماده في الوثائق المالية والرسمية، وحول العمر الفعلي للوثائق الإلكترونية إلا أن التقدم العلمي وفر إجابات مرضية لهذه التساؤلات .
إن مهام الأرشيف قد توسعت فيما يتعلق بسلطته على الوثائق، فلم تعد هذه السلطة محصورة بالوثائق الورقية بل توسعت لتشمل الوثائق الإلكترونية حيث أن معظم الدوائر الحكومية المتقدمة أتمتت أعمالها بشكل كامل، وأصبحت الوثيقة الإلكترونية هي الأصل والنسخة الورقية مجرد صورة للأصل، وحتى أن بعض الوثائق الإلكترونية مثل النصوص فائقة السرعة Hyper  Text لا يمكن نقل بنيتها عند نسخها على الورق، وكذلك توسعت سلطة الأرشيف باتجاه المؤسسات الخاصة والأفراد والعائلات حيث أصبحت عملية نقل هذه الوثائق بشكلها الإلكتروني وضمها إلى الأرشيف الوطني أمراً بسيطاً وسهلاً.
وتتجه نظم التوثيق الحديثة حالياً إلى نظم متكاملة تتيح للمستفيد الذي يستفسر عن موضوع محدد، مثلاً : إعلان الحرب العالمية الثانية، أن يقرأ هذا الخبر من الصحف ثم يستمع إلى التسجيل الصوتي للخبر من الإذاعة، ثم يمكن أن يشاهد أفلاماً وثائقية تسجيلية لأحداث بداية الحرب، كل ذلك إلى جانب الوثائق الرسمية الصادرة عن الحكومات التي دخلت الحرب في بدايتها، ونظم التوثيق هذه دخلت طور العمل فعلياً منذ عدة سنوات، كما لا بد من التأكيد أن هذه النظم أصبحت متاحة على شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت )، وتعتمد هذه النظم محركات بحث ذكية تبحث عن الكلمة المفتاحية ومرادفاتها، كما تقبل في الوقت نفسه أسئلة باللغة الطبيعية وهو ما يجب أن يتوفر في دار الوثائق القومية.
ويبدو واضحاً اليوم أننا إزاء شكل جديد من التطور المجتمعي يعتمد في سيطرته ونفوذه على المعرفة عموماً والعلمية منها بشكل خاص. مثلما يعتمد على كفاءة استخدام المعلومات في كل مجالات الحياة، حيث يتعاظم فيه دور صناعة المعلومات بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاديات الحديثة، وتعزز فيه مكانة الأنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر الأماكن حساسية وتأثيراً في منظومة الإنتاج الاجتماعي. وغالباً ما يطلق على هذا التحول وبصورة خاطئة ((عصر ثورة المعلومات)) ذلك لأن المعلومات لا تشكل إلا جزءاً من الثورة المعرفية التي تقوم على العلم والتقدم التكنولوجي ونظريات ((الكم)) وميادين المعلومات والاتصالات والتفاعل المستمر بين هذه الحقول.
وكان التطور الأبرز في هذا المشهد ظهور نمط معرفي جديد يقوم على وعي أكثر عمقاً لدور المعرفة والرأسمال البشري في تطور الاقتصاد وتنمية المجتمعات وهو ما يطلق عليه ((اقتصاد المعرفة)). فقد أصبحت المعرفة مورداً اقتصادياً يفوق بأهميته الموارد الاقتصادية الطبيعية، بل إن القيمة المضافة الناتجة عن العمل في التكنولوجيا كثيفة المعرفة تفوق بعشرات وربما مئات المرات القيمة المضافة الناتجة عن العمل في الزراعة أو الصناعة التقليديتين. ويكفي إلقاء نظرة مقارنة على مساهمة القطاعات الاقتصادية والشركات التي تعمل في مجالات الذكاء الصناعي والبرمجيات والتقانات الحيوية والزراعة المعدلة وراثياً وبعض أنواع العقاقير إضافة إلى الاتصالات وأنظمة التسلح، للتأكد بأن المعرفة قد أدخلت المجتمعات المعاصرة التي تحتكر الإنتاج في هذه القطاعات في المرحلة ما بعد الصناعية فقد زاد حجم السوق العالمية للمعلوماتية عن تريليون دولار منذ عام الألفين.
ترتب على هذه التحولات نتائج وآثار مباشرة وبعيدة المدى في آن. فلم تعد المعرفة سلطة وقوة فقط، بل أصبحت أبرز مظاهر القوة في عالم اليوم ولم يعد مجدياً بالنسبة للدول والمجتمعات التي تحاول تنمية اقتصادياتها واللحاق بركب التقدم العلمي تجاهل هذه الحقائق أو التأخر في أخذها بالحسبان.
ولعل في رأس هذه الأولويات، إجراء زيادات حاسمة في الإنفاق المخصص لتعزيز إنتاج ونشر المعرفة، وخصوصاً في مجالات التعليم بمراحله المختلفة والبحث العلمي بمراكزه وميزانياته، فضلاً عن استراتيجيات بناء القدرات البشرية، بما في ذلك إعداد الخبراء والباحثين وتشجيع الابتكار وبراءات الاختراع وحماية المتفوقين.
ومن هنا يأتي دور مراكز الوثائق الوطنية أو الأرشيفات الوطنية، وهو ما يعظم خدماتها التي تسعى لتقديمها لجميع أنواع المستفيدين، لتقدم لهم الخدمات المختلفة السابق الإشارة إليها.
إن هذا الواقع الجديد يجعل من مهمة الأرشيف الوطني في كل بلد مهمة معقدة فهو مسئول عن الوثائق الورقية القديمة، ولكنه مضطر للتعامل أيضاً مع الوثائق في المرحلة النشطة والوسيطة إلكترونياً، غير أن الحفاظ على الوثائق بشكلها الإلكتروني ليس عملية سهلة، فالوثائق لكي تظهر على الحاسب تستخدم أنظمة متعددة: نظام تشغيل الحاسب، نظام إدارة الشبكة، نظام معالجة الكلمات، وهذه الأنظمة متطورة باستمرار فإذا افترضنا أن إحدى الإدارات حفظت وثائقها على حاسب معين يعمل وفق نظام تشغيل محدد ثم أرادت استرجاعها بعد خمسين سنة فإنها ستواجه مشكلة إعادة إحياء البيئة الحاسوبية التي ولدت هذه الوثائق، فمع التبدل السريع لنظم التشغيل والمعالجة تصبح الوثيقة بحاجة إلى نقل من نظام إلى النظام الأحدث باستمرار للحفاظ عليها بشكل قابل للاسترجاع والتخزين في الوسائط الحديثة المتطورة باستمرار، تماماً كما كان يفعل النُساخ في العصور القديمة للحفاظ على الكتب من عوامل الزمن•
ففي أرشيف المستقبل، إذا توانت إحدى المؤسسات عن نقل وثائقها غير المتداولة إلى النظم الأحدث فإنها ستجد نفسها بعد خمسين سنة أو أقل من ذلك، مضطرة للبحث عن حجر رشيد جديد لفك رموز هذه الوثائق المنسية، وبالتالي ستكون هذه المؤسسات مضطرة دائماً إلى تحديث مخزونها وذلك بما يشابه عمل النساخ في العصور القديمة.
ومن هذا المنطلق فإن المعرفة أصبحت هى صناعة المستقبل التي يجب أن تتجه إليها الأرشيفات الوطنية لتدعيم تلك الصناعة بما لديها من مقومات وعناصر فريدة قد لا توجد فيما سواها من المؤسسات فى أى بلد.
لقد أصبح الاستثمار في مجال المعلومات يمثل واحداً من أهم أوجه استثمار رأس المال الإنساني والاجتماعي.
وكان من نتائج التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال حدوث تغيرات جذرية واسعة في أساليب الحياة المعاصرة وبخاصة في طبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، وتعديل بعض جوانب التشريع واستحداث بعض التغييرات في النــظم والمؤسسات الكبرى في المجتمعات المتقدمة. وإذا كان المجتمع المعاصر يوصف بأنه مجتمع المعلومات التي تتدفق فيه المعلومات في سهولة ويسر بحيث يمكن الحصول عليها من مصادر كثيرة متنوعة دون عناء أو تكاليف باهظة, وقد أصبحت المعرفة والإبداع من أهم العوامل المؤثرة والمحددة لقيام ما يطلق عليه اسم (مجتمع المعرفة) الذي لا يقنع باستخدام المعلومات لفهم واقع الحياة وأحداثها وتفاعلاتها والاستفادة منها في توجيه مختلف أنماط الأنشطة وبخاصة في المجال الاقتصادي, وإنما يعمل بالإضافة إلى ذلك على (إنتاج المعرفة) وتسويقها بحيث تصبح مصدرًا اقتصاديا رئيسيًا يحمل في ثناياه بذور الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
       ويتطلب ظهور مجتمع المعرفة توافر إمكانات خاصة تهيئ الفرصة للاضطلاع بالأعمال والأنشطة الجديدة للأرشيفات الوطنية الكثيرة التي تتفق مع التحول إلى إنتاج المعرفة، واعتبارها سلعة تجارية تعرض للبيع والشراء وتكون مصدر دخل للمجتمع المنتج لها ويمكنها الصعود في وجه المنافسة العالمية كأي سلعة أخرى.
 وبطبيعة الحال فإن هذه الأعمال والأنشطة الجديدة أو المستجدة ستكون ذات طابع خاص ومتميز وتعتمد على أدوات ووسائل وأساليب جديدة تماما تحتاج إلى توافر نوع خاص من التعليم والتدريب يتناسب ويتلاءم مع الظروف والأوضاع الجديدة ويؤهل للقيام بالمهام الصعبة التي سوف تستخدم فيها هذه المعرفة, وهي مهام تتصل بشكل مباشر بتقديم الخدمات العامة التي سوف تمتد إلى مجتمعات ومناطق بل وإلى أشخاص لم يكونوا يحصلون عليها من قبل- وهم بعض فئات المستفيدين المحتملين السابق الإشارة إليهم.
  لقد أصبح الحديث عن مجتمع المعرفة بمنزلة (موضة) شائعة في أوساط المثقفين في الخارج، ومع ذلك فإن المفهوم نفسه يحيطه بعض الغموض وينقصه التحديد وإن كان يشير بشكل ضمني إلى توافر مستويات عليا من التعليم والبحث والتنمية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتواجه مسألة إمكان قيام مجتمع تسيطر عليه المعرفة وتوجهه وترسم له مساراته في المستقبل وتحقق له النجاح والازدهار كثيراً من التحديات والشكوك، ولكن الرأي السائد بين معظم المهتمين بالموضوع هو أن مجتمع المعرفة سوف يتحقق بصورة كاملة وواضحة على أرض الواقع بأسرع مما يظن الكثيرون، ويستند أنصار هذا الرأي إلى المقولة الشهيرة عن أن (المعرفة قوة) للتدليل على أن إنتاج المعرفة- وليس فقط حيازة المعلومات- هو الوسيلة الوحيدة لضمان البقاء والاستمرار في الوجود بل وتحقيق السيطرة والهيمنة في عصر سوف يتميز بالصراع السياسي والاقتصادي والعلمي والثقافي لفرض الذات على الآخرين, سواء أكان هؤلاء الآخرون هم الأفراد أم الجماعات أم الدول.
والمعرفة كمصدر اقتصادي للأرشيفات الوطنية في مجتمع المعرفة لن تعتمد على المعلومات المُتاحة فقط من خلال الوثائق الأرشيفية المحفوظة لديها ولكنها تعتمد بالدرجة الأولي على صناعة وإنتاج المعرفة باستخدام تلك المعلومات المتاحة، وباستخدام الكمبيوتر والإنترنت وغيرهما من أشكال ونظم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فكأن الذي يميز مجتمع المعرفة ليس هو الحصول على المعلومات أو إمكان استخدامها بكفاءة وتسخيرها لتحقيق أهداف معينة ومحددة رغم أهمية هذه الوظيفة, وإنما الذي يميز ذلك المجتمع ويحدد قدرته على البقاء والصمود والتقدم والمنافسة هو (إنتاج) هذه المعرفة. وهذا أمر يختلف عن الوضع القائم الآن حيث تقنع معظم المجتمعات المعاصرة - بما في ذلك عدد من المجتمعات المتقدمة - بالبحث عن المعلومات التي تكفل لها القدرة على تصريف الأمور دون أن تعطي لمسألة إنتاج المعرفة ما تستحقه من عناية أو تهتم بتعرف المبادئ والأفكار والمناهج والأساليب التي تساعد على إنتاجها.
وهناك ما يُعرف بمجتمع المعرفة الإلكترونية الذي ساعدت في وجوده الثورة الإلكترونية وثمة مؤشرات عدة يمكن الاعتماد عليها في تحديد ووصف مجتمع المعرفة مثل مدى الاهتمام بالبحث والتنمية والاعتماد على الكمبيوتر والإنترنت والقدرة التنافسية في مجال إنتاج ونشر المعرفة على مستوى العالم. ومع أهمية هذه العناصر فإن العنصر الأساسي المميز لهذا المجتمع هو إنتاج المعرفة واعتباره إحدى الركائز الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد الجديد الذي تحل فيه المعرفة محل العمل ورأس المال, أي أن تكنولوجيا المعلومات والاتصال وغيرها من أساليب ونظم التقنية المتقدمة تلعب الدور الرئيسي في اقتصاديات المعرفة, فهي التي تساعد على قيام مجتمع المعرفة وتعطيه خصائصه ومقوماته كما أنها تحل محل التنظيم والإنتاج الصناعيين كمصدر أساسي للإنتاج بحيث يمكن تقويم السلعة ليس فقط حسب ما يدخل في تكوينها من مواد خام أو ما بذل في إنتاجها من مجهود أو ما انفق عليها من رأس المال وإنما حسب المعرفة التي أدت إلى ابتكار تلك السلعة وإنتاجها. فالمعرفة تعتبر هنا أهم عامل في الإنتاج, ومن هذه الناحية فإنها تفوق رأس المال والجهد المبذول في العمل. فالذي يحدد قيمة السلعة المعرفية إذن هو في المحل الأول الابتكار والفكر الكامن وراء إيداع تلك السلعة.
وتمتاز المعرفة على تلك العناصر بقدرتها الفائقة على الانتقال والانتشار عبر العالم حين تتوافر الوسائل والظروف الملائمة, ولذا تحاول دول الغرب المنتجة للمعرفة إخضاع الشبكات الإلكترونية لرقابتها الصارمة وإثارة مشكلة الملكية الفكرية وفرض أسعار عالية على بيع المعرفة التي تنتجها أو السماح باستخدامها مما يحرم المجتمعات الأقل تطورا من الإفادة منها في تحقيق ما تصبو إليه من تقدم وازدهار.
*   ويتميز مجتمع المعرفة بعدد من المميزات والخصائص منها :
1.    توافر مستوى عال من التعليم.
2.    ونمو متزايد في قوة العمل التي تملك المعرفة وتستطيع التعامل معها.
3.  وكذلك القدرة على الإنتاج باستخدام الذكاء الصناعي وتحول مؤسسات المجتمع الخاصة والحكومية ومنظمات المجتمع المدني إلى هيئات ومنظمات (ذكية) مع الاحتفاظ بأشكال المعرفة المختلفة في بنوك المعلومات وإمكان إعادة صياغتها وتشكيلها أو تحويلها إلى خطط تنظيمية.
4.  وجود مراكز للبحوث القادرة على إنتاج المعرفة والاستفادة من الخبرات المتراكمة والمساعدة في خلق وتوفير المناخ الثقافي الذي يمكنه فهم مغزى هذه التغييرات والتجديدات ويتقبلها ويتجاوب معها.
 فمجتمع المعرفة يختلف عن مجتمع المعلومات الذي يقوم على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في أنه مجتمع قادر على إنتاج البرمجيات (أشكال المعرفة المختلفة) وليس فقط استخدام أو حتى إنتاج المعدات الصلبة أو الأجهزة التي تستخدم في الحصول على المعرفة. وإذا كان (العمل) في المجتمع الصناعي يعتمد على المعرفة المتاحة فإن (المعرفة) في مجتمع المعرفة المستقبلي تعتبر هي (العمل), ولذا تحتاج هذه المعرفة إلى مراجعة مستمرة كما تحتاج إلى تكنولوجيا المعلومات حتى يمكن تحويلها إلى مشروعات وسلع تقوم عليها اقتصاديات المعرفة في المجتمع الجديد.
 وإذا كانت التجربة والتعليم هما المصدرين الأساسيين للمعرفة فإن المشكلة التي يتعين التصدي لها هي تحديد نوع المعرفة التي سوف يحتاج إليها مجتمع المستقبل والتي يمكن تطبيقها وتسويقها لأن المعرفة التي لا تباع ولا تشترى كما قال أحد المفكرين الأمريكيين سوف تعتبر عديمة الجدوى والفائدة.
          والسؤال الذي يشغل بال الكثيرين من العلماء المهمومين بمشاكل العالم الثالث وقيام مجتمع المعرفة الذي سوف تقاس إليه درجات التقدم والتخلف هو: ما وضع المجتمعات النامية من هذه الثورة المعرفية? وهل تستطيع استيعابها والتجاوب معها فضلا عن إمكان الإسهام فيها? لاشك أن عملية إنتاج المعرفة واستخدامها, بل وتسويقها تعتبر مسألة جوهرية بالنسبة للتنمية والتطور والتقدم الاقتصادي والاجتماعي واللحاق بالمجتمعات الغربية المتقدمة، ومن هنا يبرز الدور الحيوي والفعال لدار الوثائق القومية المصرية  كأحد المؤسسات الثقافية في المجتمع العربي وليس فقط في المجتمع المصري وحده لتعمل على سد الفجوة بين مجتمعاتنا النامية وبين المجتمعات الغربية المتقدمة التي اعتمدت علي إنتاج المعرفة الثقافية وتسويقها للتنمية الاقتصادية.
ولأن المتوقع أن اقتصاديات المعرفة سوف تؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء بدلا من ردمها أو تضييقها كنتيجة منطقية لتوافر المعلومات وإتاحتها للجميع, ورغم كل ما يذهب إليه البنك الدولي في تقرير (التنمية العالمية 98/1999) عن (المعرفة والتنمية) والذي يبين فيه أن تضييق الفجوة المعرفية بين مختلف الدول من ناحية وبين الشرائح والجماعات المختلفة داخل الدولة الواحدة من الناحية الأخرى هو هدف رئيسي يواجه كل المؤسسات والمنظمات المهتمة بالتنمية الدولية مثلما يواجه الحكومات الوطنية ذاتها, وأن ملء هذه الفجوة أو الهوّة المعرفية هو خطوة أساسية في طريق التنمية الاقتصادية على أساس أن المعرفة عنصر مهم في الإنتاج, كما أن نمو المعرفة عامل مهم أيضا في دفع المجتمع إلى استمرار النمو والتقدم, فالذي يؤدي إلى الفقر والتخلف هو قلة أو انعدام المعرفة القائمة على الابتكار والتي تساعد على المنافسة.
وعلي ذلك فإن الأرشيفات الوطنية عامة ، ودار الوثائق القومية المصرية خاصة بما لديها من مقومات إنتاج المعرفة يمكنها أن تقلل من الهوة المعرفية بين مصر ودول العالم حتي الأكثر تقدمًا منها وذلك من خلال إنتاج المعرفة التاريخية والوثائقية والأثرية والقانونية والفقهية واللغوية وغير ذلك من أنواع المعرفة التي تعتمد علي مخزونها من الوثائق الأرشيفية لتساهم في زيادة الدخل القومي لمصر فالآن أصبحت المعرفة تؤلف - وبشكل متزايد - ليس فقط أساس القوة ولكن أيضا أساس النجاح والتقدم, ولذا فيجب ألا نبخل ببذل أي جهد لإقامة مجتمع مصري معرفي حتى نستطيع مسايرة ومتابعة التطورات المتلاحقة في مجتمع المعرفة العالمي.
وما يميز اقتصاد المعرفة إذاً الاعتماد المتزايد على قوة العمل المؤهلة والمتخصصة في مجالات الوثائق والأرشيف والتكنولوجيا، إلى جانب انتقال التنظيم الاقتصادي لدار الوثائق من الاعتماد على مجرد حفظ الوثائق إلي إتاحتها واستخدامها كمصدر لصناعة المعرفة من خلال خدماتها المختلفة التي تقدمها للعالم.
 فالمجتمع الذي لا يسعى إلى مواكبة التطور العلمي، شأنه شأن الإنسان، سرعان ما سيجد نفسه عاجزاً عن دخول الاقتصاد الجديد (اقتصاد المعرفة) والمساهمة فيه.
وهكذا فإن الإنسان الفاعل في النظام الجديد للأرشيف الوطني هو إنسان متعدد المهارات وقادر على التعلم الدائم، الأمر الذي يتطلب سرعة التكيف والتأقلم مع التبدلات المتواترة الناتجة عن الطبيعة الاقتحامية والتحويلية للتكنولوجيا والتي تؤثر بشكل ملموس على النظم الاجتماعية والثقافية، وطرق العيش، وعادات الاستهلاك، ومعنى العمل ومكانته.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو: ما هي مواصفات الإنسان ناتج التربية المعرفية المنشودة؟
وعلى الرغم من عدم وجود الإجابات المكتملة علي هذا التساؤل، إلا أن هناك اتفاق شبه نهائي حول ثلاث غايات أساسية هي:
1 ـ اكتساب المعرفة.
2 ـ التكيف مع المجتمع.
3 ـ تنمية الذات والقدرات الشخصية.
وعلي هؤلاء الأشخاص أن يدركوا أهمية عدد من المفاهيم التي تؤدي إلي تحقيق هذه الغايات وهي:  تعلّم لتعرف- تعلّم لتعمل - تعلّم لتكون- تعلّم لتشارك الآخرين.
و بذلك فإن الأرشيفات الوطنية سوف تضطر باستخدام هذا الإنسان المتخصص  المؤهل لأن تعمل علي انهيار الفواصل والحدود الجغرافية والتنافس في الوقت، حيث أصبح التنافس في الوقت والعمل في الزمن الحقيقي في كل مواقع العمل والخدمات التي تعمل بلا توقف لتلبية احتياجات المستهلكين في جميع أنحاء العالم، وهو السمة الأبرز للإنتاج بالرغم من الفواصل الزمنية واختلاف التوقيت، فلم تعد البنوك تغلق أبوابها بعد انتهاء ساعات العمل المحددة وكذلك المكتبات والبورصة وشركات السياحة والطيران.. الخ،  بمعنى أنه لن تكون هناك حدود زمنية لتوفير الخدمات والمنتجات الوثائقية والأرشيفية، فقد أصبح الناس في تنافس مفتوح في الفاعلية والوقت.
وعلى صعيد آخر لابد من تغيير طبيعة الوظيفة والعمل الأرشيفي عما كان عليه الحال في الماضي. فبعد أن كانت الحالة تتطلب انتقال طالب الخدمة إلى دار الوثائق، فالآن  بالإمكان الحصول على الخدمات من خلال عالم أساسه ((اتصل ولا تنتقل)) ، فالثورة العلمية التقنية اخترقت كل الحواجز والحدود وأصبحنا نعيش المجتمع التخيلي/ الافتراضي (Virtual society) الذي يتعامل فيه الناس دون أن يلتقوا وجهاً لوجه، وبذلك يمكن تقديم الاستشارات والبحوث عن بعد للعمل في المنزل،  ليتغير بذلك المفهوم التقليدي للعمل والوظيفة،  فالمنافسة العالمية في أداء الأعمال الأرشيفية عن بعد لابد وأن تضمن للعملاء – المستفيدين من دار الوثائق بجميع فئاتهم- أن تكون هذه الأعمال على أعلى مستوى من الجودة والكفاءة.
ولابد أن تتميز المنتجات الأرشيفية الجديدة بتوظيف كثيف للمعلومات والمعارف، وتتضاءل شيئاً فشيئاً قيمة المكونات المادية، فعلي سبيل المثال يمكن أن تستغل دار الوثائق مجموعة من الوثائق الأجنبية ا بلغة معينة فتترجمها، ثم تقوم علي إعداد عدد من البحوث المُختلفة منها لتفيد أكبر قطاع ممكن من جمهور المثقفين والباحثين في العالم بأثره، ومعني ذلك أنها لن تتيح الوثيقة الأصلية بل إنها سوف تتيح فقط ما ينتج منها من معارف ومعلومات مختلفة ومتعددة.
 
*   وأخلص مما سبق إلى عدة ملاحظات ختامية:
1.  إن المستقبل للمجتمعات التي ستشارك في توظيف وإنتاج المعرفة بكفاءة في شتى مناحي الحياة. فالمعرفة ثروة و قوة في آن واحد.
2.    يشكل مجتمع المعرفة مرحلة متقدمة من مراحل التطور الحضاري.
3.  المداخل الأساسية للوصول إلى مجتمع المعرفة هي الارتقاء بمؤسسات نشر المعرفة وأقصد المدارس والجامعات ووسائل الإعلام والترجمة.
4.   لابد من دعم مؤسسات إنتاج المعرفة وهي مراكز الأبحاث والتأليف، ومؤسسات البحث العلمي وخاصة الأرشيفات الوطنية التي يمكن أن تتجمع فيها عدد من تلك المؤسسات المنتجة للمعرفة داخل الكيان الواحد.
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ويمنع أي نسخ او طباعة دون إذن المؤلف 



البحث المخصص فى الوثائق والأرشيف