د. عصام أحمد عيسوي - كلية الآداب- جامعة القاهرة
تعتبر"وثائق الجامعة المصرية " التي دونت منذ شهر أكتوبر عام 1906م هي الذاكرة التاريخية التي حفظت لنا تاريخ بداية الإنشاء لهذا الصرح العلمي والثقافي العظيم الذى تخرج فيه كل هؤلاء العلماء ، فتشير الوثائق إلى الدعوة التي أطلقها أبناء مصر و زعمائها للاكتتاب لجمع الأموال للبناء والتشييد، ولكنها تحولت عند التطبيق إلى دعوة لتحقيق مفاهيم عظيمة ونبيلة ، فقد جاء فى نص خطاب الزعيم الوطني مصطفى كامل الذى بعث به من فرنسا إلى رفيقه محمد فريد بك –أحد أعضاء لجنة الاكتتاب بالجامعة – "أن خير هدية أقترح عليكم تقديمها للوطن العزيز والأمة المصرية المحبوبة هي أن تقوم اللجنة التي شُكلت لدعوة الأمة كلها وطرق باب كل مصري لتأسيس كلية أهلية تجمع أبناء الفقراء والأغنياء على السواء وتهب الأمة الرجال الأشداء" ، كما جاء فى الدعوة للاكتتاب التي أعدها القاضي والمفكر قاسم بك أمين لنشرها فى الصحف ما نصه" ظهر بمصر فى هذه السنين الأخيرة حركة نحو التعليم تزداد كل يوم انتشارًا فى جميع طبقات الأمة ورغم ما تبذله الحكومة من الجهد فى توسيع التعليم فإنه غير كاف للقيام بحاجات الأمة ونحن نعلم أن عمل الحكومة وحده لا يفى بكل حاجاتنا وأنه مهما كان لديها من الشرعية ومن القوة فلا تستغنى عن مساعدة الأفراد لها ولذلك نأمل أن يسمع ندائنا كل ساكن فى مصر مهما كان جنسه أو دينه وهذا هو مشروع أول من اكتتبوا لتأسيس الجامعة المصرية وتلك غايتهم"، لقد جاءت الدعوة للاكتتاب لتحقق ليس فقط هدف بسيط وقريب وهو جمع الأموال للإنشاء، ولكنها حققت على أرض الواقع مفاهيم نبيلة كثيرة لم تكن متوقعة آنذاك منذ مائة عام– كما تشير الوثائق لذلك - لقد تحقق من خلال هذه الدعوة مفاهيم المواطنة والانتماء للوطن ، وحق التعليم العالي، وأهدافه السامية، وهى مفاهيم وطنية وقومية أرست قواعد وأسس بدأت فى الانتشار فى مصر منذ ذلك الحين فى ظل ظروف الاحتلال الإنجليزي لمصر الذى قاوم هذه المفاهيم والأفكار النبيلة للشعب المصري بقدر استطاعته ولكنه لم يستطع.
لقد تضافرت جهود كل أبناء الوطن مسلمون وأقباط ، تجار وملاك وأعيان ، مهندسون ومحامون وأطباء، تلاميذ وطلاب المدارس الإبتدائية والثانوية، وغيرهم من فئات الشعب فى تحقيق هذا الهدف القومي النبيل، مع ملاحظة أن طبقة الأمراء فى مصر قد تأخرت مساهماتهم المادية والعينية - مهما كان قدرها وتأثيرها - إلى ما بعد مرحلة الإنشاء والتكوين وإرساء قواعد هذا الصرح العلمي الذى ساهم فيه المصريون فقط حتى عام 1911م- كما تشير وثائق الجامعة لذلك.
وبعد مائة عام كاملة، وفى حفل افتتاح صرح ثقافي جديد بالجامعة الأم وهو المكتبة المركزية الجديدة لجامعة القاهرة فى ظل الاحتفال بمئويتها، قدمت السيدة الفاضلة سوزان مبارك دعوة وطنية جديدة للتبرع والاكتتاب لتطوير مبان ومنشآت جامعة القاهرة ، لقد أطلقت سيادتها هذه الدعوة لكل الخريجين من أبناء الجامعة داخل مصر وخارجها الذين يدينون هم وأبناؤهم وأحفادهم بالفضل لها، فهي دعوة مفتوحة ليس فقط لجمع المال لتطوير واستكمال المكتبة المركزية الجديدة ومكتبات الجامعة عامة ، أو لاستكمال مبان الجامعة ومنشآتها، أو لإنشاء واستكمال المعامل المتخصصة فى الكليات المختلفة ، أو معامل الحاسب الآلي خاصة ، أو لتقديم المنح الدراسية فى الخارج لأبناء الجامعة – الذين هم أبناء مصر، والتعاون مع الجامعات الأجنبية، أو لمشروعات الترجمة ،أو لتقديم المكافآت للبحوث العلمية المتميزة، أو لغير ذلك مما يتطلبه تطوير وتحديث جامعتنا المحبوبة ، ولكنها دعوة جديدة لتأكيد مفهوم المواطنة، والوحدة الوطنية، وتماسك آيادى المصريين ، واستجماع قوى الشعب المصري في الداخل والخارج لتحقيق هدف علمي وثقافي يكمن بداخله معان وطنية كثيرة نحن فى حاجة إليها الآن لنتأكد نحن ومن حولنا أن أبناء هذا الوطن عامة بجميع طوائفهم ،وأبناء جامعة القاهرة خاصة فى بوتقة واحدة دائما، هدفهم واحد ومصيرهم واحد.
وهذه الدعوة موجهة –ليس فقط – للمستثمرين ورجال الأعمال المصريين والعرب وهم الفئة الرئيسة المقصودة بالدعوة ، ولكن هذه الدعوة لابد أن يستقبلها ويفهمها ويعيها كل مواطن مصري سواء كان من أبناء جامعة القاهرة أو من غير أبنائها ،وسواء أكان من المسلمين أو الأقباط ، وسواء أكان من المتعلمين أوغيرهم ، وسواء أكان له أبناء أو أحفاد بالجامعة أم لا ، المهم أن يكون لديه الشعور بالفخر والاعتزاز بأنه مصري ، ويكون لديه العلم بأنه – كما قال مصطفى كامل منذ مائة وإثنتين سنة " إن كل مليم يزيد عن حاجة المصري ولا ينفق فى سبيل التعليم هو ضائع سدى والأمة محرومة منه بغير حق"، وأقول فلنستثمر أموالنا فى العقول المصرية فأرباحها أكثر وفائدتها مركبة ونفعها أعم على الوطن بأثره بجميع طوائفه.
إن الاستجابة لهذه الدعوة سوف تحقق لمصر عامة ، ولجامعة القاهرة خاصة عدة أهداف عالمية، فالإرتقاء بالمستوى العلمي للجامعة سيضعها فى الترتيب الأعلى الذي يليق بها بين جامعات العالم، ومن ثم صنع الرجال الأشداء علميًا وثقافيًا لنهضة مصر اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وهذا لن يتأتى إلا بتنفيذ تلك الدعوة من الأفراد بالاكتتاب والتبرع للتطوير والتحديث الشامل لتضاف مجهوداتهم إلى مجهودات الحكومة، ومن ثم لتحقيق كل هذه الأهداف النبيلة والعظيمة لمصرنا الحبيبة.
تعتبر"وثائق الجامعة المصرية " التي دونت منذ شهر أكتوبر عام 1906م هي الذاكرة التاريخية التي حفظت لنا تاريخ بداية الإنشاء لهذا الصرح العلمي والثقافي العظيم الذى تخرج فيه كل هؤلاء العلماء ، فتشير الوثائق إلى الدعوة التي أطلقها أبناء مصر و زعمائها للاكتتاب لجمع الأموال للبناء والتشييد، ولكنها تحولت عند التطبيق إلى دعوة لتحقيق مفاهيم عظيمة ونبيلة ، فقد جاء فى نص خطاب الزعيم الوطني مصطفى كامل الذى بعث به من فرنسا إلى رفيقه محمد فريد بك –أحد أعضاء لجنة الاكتتاب بالجامعة – "أن خير هدية أقترح عليكم تقديمها للوطن العزيز والأمة المصرية المحبوبة هي أن تقوم اللجنة التي شُكلت لدعوة الأمة كلها وطرق باب كل مصري لتأسيس كلية أهلية تجمع أبناء الفقراء والأغنياء على السواء وتهب الأمة الرجال الأشداء" ، كما جاء فى الدعوة للاكتتاب التي أعدها القاضي والمفكر قاسم بك أمين لنشرها فى الصحف ما نصه" ظهر بمصر فى هذه السنين الأخيرة حركة نحو التعليم تزداد كل يوم انتشارًا فى جميع طبقات الأمة ورغم ما تبذله الحكومة من الجهد فى توسيع التعليم فإنه غير كاف للقيام بحاجات الأمة ونحن نعلم أن عمل الحكومة وحده لا يفى بكل حاجاتنا وأنه مهما كان لديها من الشرعية ومن القوة فلا تستغنى عن مساعدة الأفراد لها ولذلك نأمل أن يسمع ندائنا كل ساكن فى مصر مهما كان جنسه أو دينه وهذا هو مشروع أول من اكتتبوا لتأسيس الجامعة المصرية وتلك غايتهم"، لقد جاءت الدعوة للاكتتاب لتحقق ليس فقط هدف بسيط وقريب وهو جمع الأموال للإنشاء، ولكنها حققت على أرض الواقع مفاهيم نبيلة كثيرة لم تكن متوقعة آنذاك منذ مائة عام– كما تشير الوثائق لذلك - لقد تحقق من خلال هذه الدعوة مفاهيم المواطنة والانتماء للوطن ، وحق التعليم العالي، وأهدافه السامية، وهى مفاهيم وطنية وقومية أرست قواعد وأسس بدأت فى الانتشار فى مصر منذ ذلك الحين فى ظل ظروف الاحتلال الإنجليزي لمصر الذى قاوم هذه المفاهيم والأفكار النبيلة للشعب المصري بقدر استطاعته ولكنه لم يستطع.
لقد تضافرت جهود كل أبناء الوطن مسلمون وأقباط ، تجار وملاك وأعيان ، مهندسون ومحامون وأطباء، تلاميذ وطلاب المدارس الإبتدائية والثانوية، وغيرهم من فئات الشعب فى تحقيق هذا الهدف القومي النبيل، مع ملاحظة أن طبقة الأمراء فى مصر قد تأخرت مساهماتهم المادية والعينية - مهما كان قدرها وتأثيرها - إلى ما بعد مرحلة الإنشاء والتكوين وإرساء قواعد هذا الصرح العلمي الذى ساهم فيه المصريون فقط حتى عام 1911م- كما تشير وثائق الجامعة لذلك.
وبعد مائة عام كاملة، وفى حفل افتتاح صرح ثقافي جديد بالجامعة الأم وهو المكتبة المركزية الجديدة لجامعة القاهرة فى ظل الاحتفال بمئويتها، قدمت السيدة الفاضلة سوزان مبارك دعوة وطنية جديدة للتبرع والاكتتاب لتطوير مبان ومنشآت جامعة القاهرة ، لقد أطلقت سيادتها هذه الدعوة لكل الخريجين من أبناء الجامعة داخل مصر وخارجها الذين يدينون هم وأبناؤهم وأحفادهم بالفضل لها، فهي دعوة مفتوحة ليس فقط لجمع المال لتطوير واستكمال المكتبة المركزية الجديدة ومكتبات الجامعة عامة ، أو لاستكمال مبان الجامعة ومنشآتها، أو لإنشاء واستكمال المعامل المتخصصة فى الكليات المختلفة ، أو معامل الحاسب الآلي خاصة ، أو لتقديم المنح الدراسية فى الخارج لأبناء الجامعة – الذين هم أبناء مصر، والتعاون مع الجامعات الأجنبية، أو لمشروعات الترجمة ،أو لتقديم المكافآت للبحوث العلمية المتميزة، أو لغير ذلك مما يتطلبه تطوير وتحديث جامعتنا المحبوبة ، ولكنها دعوة جديدة لتأكيد مفهوم المواطنة، والوحدة الوطنية، وتماسك آيادى المصريين ، واستجماع قوى الشعب المصري في الداخل والخارج لتحقيق هدف علمي وثقافي يكمن بداخله معان وطنية كثيرة نحن فى حاجة إليها الآن لنتأكد نحن ومن حولنا أن أبناء هذا الوطن عامة بجميع طوائفهم ،وأبناء جامعة القاهرة خاصة فى بوتقة واحدة دائما، هدفهم واحد ومصيرهم واحد.
وهذه الدعوة موجهة –ليس فقط – للمستثمرين ورجال الأعمال المصريين والعرب وهم الفئة الرئيسة المقصودة بالدعوة ، ولكن هذه الدعوة لابد أن يستقبلها ويفهمها ويعيها كل مواطن مصري سواء كان من أبناء جامعة القاهرة أو من غير أبنائها ،وسواء أكان من المسلمين أو الأقباط ، وسواء أكان من المتعلمين أوغيرهم ، وسواء أكان له أبناء أو أحفاد بالجامعة أم لا ، المهم أن يكون لديه الشعور بالفخر والاعتزاز بأنه مصري ، ويكون لديه العلم بأنه – كما قال مصطفى كامل منذ مائة وإثنتين سنة " إن كل مليم يزيد عن حاجة المصري ولا ينفق فى سبيل التعليم هو ضائع سدى والأمة محرومة منه بغير حق"، وأقول فلنستثمر أموالنا فى العقول المصرية فأرباحها أكثر وفائدتها مركبة ونفعها أعم على الوطن بأثره بجميع طوائفه.
إن الاستجابة لهذه الدعوة سوف تحقق لمصر عامة ، ولجامعة القاهرة خاصة عدة أهداف عالمية، فالإرتقاء بالمستوى العلمي للجامعة سيضعها فى الترتيب الأعلى الذي يليق بها بين جامعات العالم، ومن ثم صنع الرجال الأشداء علميًا وثقافيًا لنهضة مصر اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وهذا لن يتأتى إلا بتنفيذ تلك الدعوة من الأفراد بالاكتتاب والتبرع للتطوير والتحديث الشامل لتضاف مجهوداتهم إلى مجهودات الحكومة، ومن ثم لتحقيق كل هذه الأهداف النبيلة والعظيمة لمصرنا الحبيبة.